الحمد لله الذي جعل سر حياة المخلوقـات جميعاً في المـاء..
فقال:
"وجعلنا من المـاء كل شيء حي"..
وصلى الله وسلم وبارك على الرحمة المهداة..والنعمة المسداة..والسراج المنير..الرؤوف الرحيم.. ذي الخلق العظيم،.القائل:
"في كل كبد رطبة أجر"..
والقائل:
"اتقوا النار ولو بشق تمرة".
أفضل الصدقة على الإطلاق سقي الماء.. سيما لمن احتاج إلى ذلك من إنسان أو حيوان.. وأفظع الجرائم حرمان سقي الماء.. لمن قدر عليه.. لمن احتاج إلى ذلك..وإليك الأدلة:
أولاً: قوله - تعالى -:
"ونادى أصحابُ النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرَّمهما على الكافرين"40
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وقد سئل أي الصدقة أفضل؟: "الماء.. ألم تروا إلى أهل النار حين استغاثوا بأهل الجنة:
"أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله"؟
ثانياً: روى أبو داود في سننه أن سعد بن عبادة - رضي الله عنه - أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أيُّ الصدقة أعجب إليك؟ قال: الماء.. فحفر بئراً فقال: هذه لأم سعد".
وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال سعد: "يا رسول الله.. إن أم سعد كانت تحب الصدقة..أفينفعها أن أتصدق عنها؟ قال: نعم.. وعليك بالماء..وفي رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر سعد بن عبادة أن يسقي عنها الماء".
قال القرطبي في تفسير الآية السابقة:في هذه الآية دليل على أن سقي الماء من أفضل الأعمال.
ثم قال معلقاً على أمره - صلى الله عليه وسلم - لسعد أن يتصدق عن أمه بالماء: فدل على أن سقي الماء من أعظم القربات عند الله - تعالى -، وقد قال بعض التابعين:
"من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء"
ثالثاً: ومن الأدلة كذلك على فضل سقي الماء.. ما خرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة يرفعه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "بينما رجل بطريق فاشتد عليه العطش فنزل بئراً فشرب منها ثم خرج..فإذا كلب يأكل الثرى من العطش.. فقال: لقد بلغ هذا الكلب مثل الذي بلغ بي.. فملأ خفه ثم أمسكه بفيه..ثم رقى فسقى الكلب.. فشكر الله له فغفر له"..قالوا: يا رسول الله..وإن لنا في البهائم أجراً؟ قال:
"في كل ذات كبد رطبة أجر".
وفي رواية عنه - صلى الله عليه وسلم -: "بينما كلب يُطيف برَكية..كاد يقتله العطش.. إذ رأته عاصية من بغايا بني إسرائيل..فنزعت موقها يعني خفها فسقته.. فغفر لها به".
فهذه عاصية .. والمسقي كلب من الكلاب.. فكيف بمن سقى إنساناً؟ بل وكيف بمن سقى مؤمناً موحداً فأحياه:
"فكأنما أحيا الناس جميعاً".